خنازير برية تصعد منصة إعدام..

كان يتم صيدنا في الشوارع كخنازير برية كنا نقاد في العربات المصفحة إلى الأقبية والمسالخ مفقوئي الأعين والقلوب مكومين فوق بعضنا، كشحنة من الدجاج المجمد كان يتم ضربنا، صفعنا، سكب الماء المجمد علينا في الشتاء وصعقنا بالكهرباء وحين كنا نلقي آذاننا كحصاة صغيرة من فتحة التهوية لم نكن نسمع أحدا في الخارج يهتف باسمنا لقد…

جراء صغيرة تبحث عن مخرج.

ولدنا في خنادق..بينما العالم في حروبه وقلقهوأغنياته الكثيرة التي تمجد الطاغيةولدنا، هكذا، على عجالةجراء كثيرةسطقت فوق بعضها كرصاصات فارغةمددنا أيدينا للسماءولم يلتقطها أحدبكينا في المساء طويلاولم يكن بكاؤنا يزعج أحدانشأنا دون أمهاتتعلمنا الحبو وحدناوفي الأنفاق الطويلة الممتدةواصلنا الحبو بحثا عن ضوءمنا من صارت له مخالبأوأنيابأكلنا بعضنا بعضا في أوقات جوعناوحين كان ينهك احد منّاكنا نتركه،ونمضي..تركنا…

“إلى الشهيدة رقم 2935.. رحاب تقريبًا”.

إلى المهندسة رحاب علاوي التي قتلت تحت التعذيب في سجون الأسد.. عربات كثيرةمحملة بالجثثتجرها الخيول إلى مكان بعيد عربات كثيرةتتدلى منها أيد وأقدام مدماةورءوس ممتلئة بالأحلاموعيونتحت جفونها.. نظراتٌ كثيرة. عربات كثيرة تمرملائكة وحفارون ومصابو حرب وناجونيجمعون الجثث من فوق التلالمن غرف المنازلمن فصول المدرسةمن الباراتمن السجون،من قاعات المحاكموالحدائق العامة.. يلتقطون الأطراف من فوق الأغصانيسحبون الأطفال…

لا أعرف كيف أحبك دون أن أؤلمك.

أعرفأن لحبك حين يخترق قلبيملمس النورحين يخترق أصابعي في الصباحبهدوءيتسلل إلى كل خلية في جلدييصافح كل قطرة دم في العروقويمشي في أوردتي,كما يمشي ماء قليل باردفي وادٍ ضيقيملؤهدون أن يزيح الحجارة الصغيرةالتي تستريح في أعماقهودون أن يلويعنق الورودالتي نبتت ببساطةمن أحشائهكأنها أبناؤه الصغارأعرف كيف أمسكُ بقلبكلأعبر الحياةكأن قلبك مصباحأدفعه أمامي وأسيركقمر في يديأكنس بضوئه الخافتعتمة…

يا أجيالنا القادمة.

اسمعوا اسمعوايا أجيالنا القادمة أنتم، أيها المحتلون الصغار الذين سيجلسون على مقاعدناكأنها مقاعدهميستخدمون أشياءنايبنون منازل فوق أراض نملكهايجدون صورنا القديمة ورسائل حبناثم يركلونها بضجر..كشيء قديم ومتكرر. أصغوا ليعلى الرغم من أنكمستكونون غير شغوفين بناواذا ما سمعتم صوتالشاعر من زمن مضىيصرخ: اسمعوني يا أجيالنا القادمة فإنكم لن تبالوا به..لن تتهافتوا نحو صوتهالقادم من بعيدتعبا ومتقطعاكأنه صوت…

خفاش ضرير.

خيول كثيرةتضرب بحوافرهافي رأسي،قلبي ثمرة فاسدةتقرضها الجرذان، عينيّسماء تنذر بعاصفة،أتأفف وأنا أضع ساقا على ساقومثل فاكهة صيفيةأقضم أصابعيمن الوحدة والضجر،وأنفخ في الهواء حوليلتتلاشىسحائب الصمتالتي تتجمع ببطءكي تخنقنيحين تنقض على وجهيمثل خفاش ضريرأو كيس بلاستيكيمشدود بقوة للخلف،أقول وأنا أتمزق من الوحدةمثل آخر إنسان على الأرض،ماذا أصنعبكل هذا الصوت في حنجرتي؟ آلاء حسانين 2014

كل مرة.

وفي كل مرة،كنت أكتب الشعركي أجد سماءً زرقاء، في قلبيالموحش،قلبي المقفلكزنزانة صغيرة،كل مرةكنت أكتب الشعركي أبدو أقل حزنًا..كي أجرؤ أن أقول–بصوت مرتفع– أنا لستُ وحيدًا،كل مرةكل مرة، كنت اكتب الشعركي أقدر أن أنظر لعينيفي المرآةولا أغرق فيها.كل مرةأكتب الشعربحزن شديدلا أعرف سببه.حزن من يعد رصاصه في معركة طائفية:خمس رصاصات لأعدائي:واحدة لجارنا العلويهذه لقائد الكتيبةوهذه: لي.آلاء…

ربما عليّ أن أودعكم الآن.

ربما عليّ أن أودعكم الآنفما زالت أمامي الكثير من الحيوات التي عليّ أن أعيشها،مرة كنت قبّرة..اصطادها صياد على سبيل المتعةمرة أخرى كنت صيادًااصطاد الكثير من القبّرات في حياتهوحين ضجراصطاد نفسه..على سبيل المتعة، أيضًا.مرة كنت يرقة، ومرة كنت فراشة تحوم حول ضوءمرة كنت كهربائيًا،وهو يبدل مرة أحد الأضواء الخافتة، قتل فراشةتحوم حول ضوء خافتقتل نفسه.. في…

إنه العالم ينتهي.. ولا يصفق أحد.

ألثمة، ألثمة في كل مكانغيوم كثيرة تغطي وجه الشمسالطيور على الأشجاربرؤوس منكسة وأجنحة ملقاة حول جسدهاكمجاديف بجانب قارب تالف..تحاول أن تغنيالطيور، بحناجرها المجروحة..ومثل ناي مبحوحيخرج صوتها موحشًا.الضباب يسدل ستائره على مسرح العالمكأنه يعلن النهايةولا جمهور كي يصفق،لا ممثلينكي يخلعوا الأقنعةويركعوا أمامهم محيين.إنه الجمهورجمهور العالم،بالألثمة السوداء على وجههبعيونه التي تصارع غبار الأحلام– التي ركبت عرباتها وفرت…

خمسة قصائد مهداة إلى أيمن ساعي وريتا غراهام.

1- شخصان يدليان قدميهما على حافة العالم.إلى ريتا غراهام.وأخيرًاها نحن ذاعلى حافة العالمنجلس متفرجينندلدل أقدامناالتي تورمتمن فرط ما مشينا حافيينعلى الطرقاتوكنسنا بهاكل أوجاع البلاد. وأخيراها نحن ذانجلس صامتينكصديقين حميمينقالا كل ما يجب أن يقال سابقاأو لم يقولا شيئالأنهما يعرفان مسبقاكل ما يريد الآخر أن يقولهها نحن نراقب نهاية العالمبطمأنينة من يراقب الغروبويبتسملأن الشمسستشرق مجددًافي اليوم التالي.ها نحن كطفلين…