العزلة إذ تخمش بأظافرها اللينة قلوب الشاعرات، حوار مع ثلاث شاعرات.

حوار – آلاء حسانين

يقول آنتوني ستور: “يعيش الشخص المبدع في حالة سعي مستمرة لاكتشاف ذاته، لإعادة تشكيل هويته، لإيجاد معنى في هذا العالم من خلال ما يخلقه ويبدعه. ويجد في هذه العملية قيمة تكاملية ثمينة، والتي مثلها مثل الصلاة أو التأمل، ليس لها أي علاقة بالآخرين، إذ لها أحقيتها المستقلة. إن أجمل لحظات المبدع هي تلك التي يحرز فيها شيئا من التبصر، أو تلك التي يبتكر فيها اكتشافات جديدة، وهذه اللحظات هي في الغالب، إن لم يكن دائمًا، تلك التي يكون فيها وحيدًا».
جرت العادة على النظر برومانسية شديدة إلى عزلة الفنانين والكتاب، حتى اعتبرها البعض سمة من سمات المبدع، ومنبع رئيسي لخلق الفن، بالأخص لدى الشعراء. حتى جاءت ٢٠٢٠ وانتشر فيروس كورونا مما أجبر الجميع على المكوث في عزلة اجبارية، وعدل بعض الناس منهم شعراء عن نظرتهم الرومانسية تجاه العزلة. ورغن أني شخصيًا كنت ممن استفادوا من هذه العزلة على المستوى الإبداعي والنفسي، فبحكم عملي ودراستي، كنت اجبر على البقاء في الخارج طوال الوقت، لكن حلمت دائمًا بالوقت الذي سأنعزل فيه للعمل على مشاريع إبداعية مؤجلة. ولم تكن هذه أول عزلة طويلة أعيشها، ففي السابق، عشت عزلة طويلة امتدت حتى عامين، وصحيح أني كتبت فيها كثيرًا ووضعت حجر الأساس لمشاريعي الأدبية والفنية، وتمكنت أيضًا من الغوص عميقًا داخل نفسي، إلا أنه كان لهذه العزلة الكثير من الآثار السلبية على مستويات عدة منها النفسي والاجتماعي.
لم تكن العزلة الأخيرة حدثًا جللًا بالنسبة للكثير من الناس، بالأخص النساء. فرغم اننا نعيش في العام 2020 ميلاديًا، إلا أن الكثير من النساء اليوم لا يمتلكن الحرية الكافية للخروج والعمل والتحرك، وبعضهن يعشن في عزلات إجبارية أو في نسخة مصغرة ومقلصة عن الحياة الطبيعية التي من المفترض أن تمنح للبشر جميعًا.
في هذا الملف راسلت عدد من الشاعرات في الوطن العربي لأسألهن عن حياتهن في العزلة الأخيرة وفي عزلات سابقة، عن علاقتهن الشخصية بالانعزال وتأثير ذلك على الشعر والكتابة والعملية الإبداعية برمتها.
تكتب الشاعرة البحرينية جمانة القصاب عن حالة الانتظار الطويل التي رافقتها وآخرين أثناء العزلة الأخيرة:»

إننا ننتظر
وهذا برمته أمرٌ نسيناه، كل هذا الترقب في الجزء الخفيّ من أدمغتنا، أمرٌ فقدنا القيام به، والقدرة عليه، منذ مدةٍ لم نكن بحاجةٍ لانتظار أجزاء الفيلم لأن الإعلانات اختفت، إن انتظارنا لـ5 ثوانٍ معلومة قبل فيديو كفيلة بإفقادنا صوابنا، في محطات الانتظار كالعيادات ننشغل بهواتفنا المصممة لإخفاء الوقت، والآن.. نحن جميعًا ننتظر فجأة، دون عداد نهاية، يخيفنا الانتظار، لأن الأشياء والأيام العابرة، العادية، السلوك التافه كشراء حاجيات المنزل دون رعب أصبح بعيدًا، يخيفنا أن ننتظر، وأمامنا كل هذه العتمة، وخلفنا ما ظنناه غير متبدل.. إننا ننتظر، وهذا يعيد لكل الأمور قيمتها، فتصير أيام الانتظار أثقل. أضع هذا في ذهني كلما وجدت الأحاديث تدور عن العزلة المفروضة، كنتُ شخصًا مكنته حرفيةُ الحيوات المزدوجة ونوبات الجنون والاكتئاب من إخفاء ما أشعر به، عشتُ عزلةً ذاتية في نفسي، ووجدتها تمتد حتى قبل العزل الجماعي الجديد، نادرًا ما أطأ خارج البيت، وحين أفعل أبقى في سيارتي، أعبر الشوارع مصغية للموسيقى أو مسجلةً نصوصًا أو أفكارًا، مونولوجات طويلة لمعنى الوحدة، كنت بالطبع أملك أصدقاء أتواصل معهم وأقارب، لكنني بشكلٍ عام لم أغادر حدودي، كانت تلك العزلة سيرة الوقتِ المعتادة، الشكل الأمثل للحياة منذ ما يقارب الأربعة أعوام. 
للكن، في العزلة الجديدة، في هذا المدّ الهائل للذعر، صار الداخل أكثر اختناقًا، لأن العزلة محفوفةٌ بالخوف. 
كالآخرين، إنني أنتظر، أخبئ بحذرٍ خلف نوبات الغضب والانفعالات الطارئة إحباطًا كبيرًا من تأجل عقد قراني بالرجل الذي أحب، وأتساءل إن كانت هذه رحمة الأقدار حتى تشير إليه بالهرب، أخفي أنني تعِسَة ومطفأة، أنامُ طوال النهار، رؤية الشمس تفوق احتمالي، الأصوات البشرية والاتصالات والتواصل الإلكترونيّ ينغرسُ في آذُنيّ كاحتكاكٍ حادّ، ثمة رغبة داخلية في مقابلة هذه العزلة بعزلة، هذا الاحتشاد الهائل في الاندفاع لعبورِ الطريق للآخر ليس موجودًا عندي، ما أفتقده هو سكوني وسط صخبِ الآخرين، لا هذا المدى الكامل من الصمت، الذي يدفع الآخرين لمحاولات مد جذورهم في وجود الآخر. الكل خائف، ثمة من يقابل هذا الخوف بالعمل، أغلب الفنانين اللذين أعرفهم يستثمرون هذا الوقت الآن، في منتصف الحظر توفي والدُ صديقتي الأقرب، كان ذلك فادحًا وفاجعًا، ولم أملك شيئًا أمامه، سوى قليل من الزيارات المخطوفة من خواصر الأيام الكهلة، ذهبت مع والدي كمتطوعة في صفوف مكافحة الفايروس، في كل المرات كانت الخيمة المعدة للكوادر في مطار البحرين الدولي ممتلئة بالأحاديث الصغيرة المفتعلة، ثمة هذه الحاجة للتواصل، لتجنب الصمت الحالك في الأذهان، البشر بحاجةٍ لأصوات خارجية عالية لأنهم يحتاجون النجاة من أصواتهم الخاصة. لم أغادر عزلتي، ولا أظن أن أحدًا غادر عزلته، كل ما في الأمر أن الوعي بالعزلة صار صارخًا، حاضرًا، وهذه العزلة محفوفةٌ بانتظار خائف.. نريد للداخل أن يخرس.
في الأيام الأولى، قرأ الآخرون، كتبوا وعملوا وأبدعوا، والآن، نحن نجاهد للحفاظ على هذا الإيقاع، نحاول بقوة أن نرغم عقولنا على النسيان، على التظاهر بأن هذا الخوف ليس موجودًا، إنني أكتب بالطبع، وأشاهد الآخرين منغمسين في أعمالهم، وأراقب في نفسي رغبة الهرب العظيمة، من هذه العزلة الكبرى إلى عزلةٍ أكثر خصوصية، أريد لحظة سكونٍ غير محفوفةٍ بالخوف، ولا يعكر صفوها أحدٌ بإلصاق جلده في أيامي، أريد أن يعود الناس للانشغال بحيواتهم، لأن الوقوف الجماعيّ يجعل الكل مسعورًا، ويجعل البحيرة الدافئة مكسوةً بالقوارب المهتزة، أغلقت غالب وسائل التواصل الاجتماعي، أقضي الوقت بين مشاهدة مسلسل كوميدي تافه وقراءة مذكرات ورسائل الشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاث، أقضي الوقت في التساؤل عن الجدوى، في مراقبة السلوك الإنساني، في محاولات فهم المنطقة الرمادية للكتابة، الفاضحة، التي تقع بين الكتابة الخيالية والواقعية (كالمذكرات والرسائل)، أقضي الوقت في إبعاد العائلة والأصدقاء، والرجل الذي أحب.. لأن هذه العزلة ليست حقيقية، إنها انتظارٌ جماعي لعودة الملهاة، حتى نغفل عن المعنى وصدأ المعيشة مرةً أخرى، إنها الرغبة في انتهاء الانتظار، والخوف، وهو ما يجعل هذه العزلة رحلةً للنسيان، ريثما يعيد الله ترتيب الكون.
وعند سؤال الشاعرة البحرينية رنوة العصيمي عن عزلاتها الشخصية ونظرتها للعزلة، وعن طقوسها في الكتابة ، ومدى تلازم العزلة بالشعر. أجابت: الحق أني لم أبدأ الكتابة وعيًا، أي أنني لم أقرّر بشكل واضح هكذا أن أصبح كاتبة، كان الأمر ارتجاليًا بحتًا. ثم بدأت أستكشف، وأتلمّس الطريق نحو أصول الفعل وطقوسه. أعني فعل الكتابة. العزلة واجبة والكتابة أكثر من سواها فعل عزلة على الأغلب، ونادر ، وجود أعمال كتابية جماعية، في عملية إنتاجها، مقارنة بالأعمال الأدبية الفردية. 
مررتُ كسائر الناس بالعزلة. كانت أحيانًا استجابة لانفصال عن المحيط. احتماء بالداخل، يمكنك القول، عندما يكون الخارج/ الآخر غير آمن أو مأمون. ربما تقتضي كتابة الشعر عزلة، لكن الندوب الدافعة إلى الكتابة لا تأتي، في رأيي، إلا عبر تمكين الأذى من روحك، الأذى الذي في الخارج. 
أحب الكتابة في المقاهي. لأنها تضمن لي عزلة، وأنس في آن. أن أكون لوحدي، بعقلي وروحي، وأحظى في ذات الوقت بضجيج مؤنس لعبث الناس بفناجينهم وأحاديثهم التي تطال محيطي على شكل همهمات غير ذات معنى، وطحن القهوة في الماكينات، وصوت درج العملات الاوتوماتيكي.. أحب المقاهي، وأقصدها ثم أترك لأمر الكتابة أن يأتِ أو لا يأتي.  
وعن كيفية قضائها لفترة الحجر الصحي تضيف الشاعرة: لم أفعل شيئًا. في الحجر، لم أفعل شيئًا. بدّدت الوقت تبديدًا. كنت ألعب ألعابًا إلكترونية على هاتفي، ثم إني عملتُ طلبية لجهاز يعيد تقديم الألعاب الإلكترونية الخاصة بشركة “أتاري” في التسعينات، وأمضيت الأيام، أمسك بذراع تحكم وأقفز بسوبر ماريو. 
كنت قلقة وغاضبة من احتجازي مثل فأر في المنزل/المصيدة. لا لم أستجب بعقلانية للعزلة الإجبارية، وقد تفاجأت من نفسي، إذ ظننت بها العكس. ظننت أن مدى لا نهائي من الزمن الفارغ سيكون مثاليًا للقراءة والكتابة والإنجاز. لكن هذا لم يحدث أبدًا. قرأت قليلًا، وكتبتُ قليلًا، أعني أقل من الأيام العادية، التي تنازع الكتابةَ فيها مشاغل أخرى. 
وعن النساء اللواتي يعشن في عزلات إجبارية، وماذا بإمكان الشعر أن يقدمه؟ تضيف الشاعرة رنوة العمصي:
أظن أن الكتابة تفيد صاحبها قبل أي أحد سواه. لأن الشاعر إن صدق، يكتب من دون أن يرى القارئ، أو على الأقل يسعى ألا يراه. بذلك يكون حرّا في البوح وبذلك يحصل من كتابته على المواساة التي يرغب، الوسادة التي يعض عليها، يصرخ بها أو يلكمها، ويحصل منها على محكمة اقتصاصه من الحياة التي لا تمضي على نحو عادل. لكنه لا يحصل منها، أثناء الكتابة، على صفوف من المقاعد تحمل قراء مفترضين يصفقون للشاعر/ة الكبير/ة. 
بعض مما كتبته الشاعرة خلال العزلة الأخيرة:
فارقتك البارحة للأبد
وبكيتُ الفراق مثل يتيم
ما كان عليكِ أبدًا أن تكتبي لي اليوم
“صباح الخير”
كيف أهدرتُ كل هذا الدمع
وكلّ هذا الأبد الذي عزمتُ المضيَّ نحوه
لأجيبك
“صباح الخير يا حبيبتي”
ــــــــــــــــــ
قلبي يرتجف تحت كُحلك الذي يهطل..
لكنه واقفٌ.. لا يغادر..
لا تبكِ..
أنا أحبكِ من دون مظلّة..
وفي حديث الشاعرة الكويتية عائشة العبدالله عن العزلة الإختيارية والإجبارية، وعن عزلات النساء والشعر أيضًا، تكتب: يقال دائما إن شيطان الشاعر عزلته، وربما هذا بسبب طبيعته غير المنتمية، الشاردة، الغارقة في تأمل الأشياء من حوله، هذه العزلة التي يذهب إليها الإنسان بكامل إرادته، ملاذا يتيح له إعادة بناء نفسه، واكتشافا لكل ما هو عالق في روحه، ترميما للوحشة، وانتقاء الألم كما يقول درويش، أو حتى استراحة من صخب العالم وضجيجه. 
العزلة تصنعنا وتربّينا، وتمنحنا عالما خصبا للحلم والمخيّلة، إلا أن تلك العزلة الداخلية للشاعر تتغذى على الحياة في الخارج والحركة الطبيعية فيها وتصب دائما في الآخر ومن حوله، إنها مثل الغيمة التي تمتلئ بالماء كي تفيض به على الحياة.
لطالما كانت أقرب نصوصي إلى قلبي تلك التي كتبتها في أشد أوقاتي عتمة ووحدة، وطالما كانت هذه التجارب بالذات هي التي أرى وأسمع صداها أشد وضوحا في قلوب القرّاء، تلك العزلة التي تصبح أقرب مرآة إلى الروح، فتبديك للآخر صادقًا وحقيقيًا. 
ولأن الشاعر حر، فهو بحاجة إلى أعشاش يختارها بنفسه، لا أقفاصًا مفروضة عليه. 
لم تكن تلك العزلة القسرية لطيفة معي، ولم تزدني سوى حزنًا وغضبًا ولحظات قاسية من التوتر والانتظار، ورغم أنها لم تنتهِ تماما ولم يعد العالم حتى الآن إلى وضعه الطبيعي إلا أنني عدت للكتابة التي انقطعت عنها طوال فترة الحجر، ولم أكتب سوى نص يتيم فقط؛
لا أريد الشعر الآن،
لن أركض وراء الكلمات الهاربة
لأعيدها إلى صفوف القصائد،  
لن أفتش عن المعنى المرتبك،
ولن تمارس يدي لعبتها المفضلة
مع لوحة المفاتيح.
يدي باردةٌ الآن،
والكتابة لا تنساب إلا من أصابع تحترق.
قلبي بارد أيضا،
والشعر ينبتُ من القمصان اللاهثة
في أثر العناق،
قدماي ملتصقتان في أرضيّة الغرفة،
والقصيدة كائنٌ عبثيّ يقفز من وجوه العابرين،
ويتسكع على الأرصفة.
ورغم أنني عاجزة جدا، 
حزينة كآخر تهويدةٍ في الليل،
جافة وأبكي.. مثل بحرٍ منحسر،
لكنني… لا أريد الشعر الآن.
هذه المرة الأولى التي لا أنجو
فيها بالشعر،
ربما أعقده ربطةً منفرطة في شَعري،
أو أقصّه عني مثل ذاكرةٍ متقصّفة،
أقلّبه مرات في الزيت كي يحترق،
وأغمره أحيانا بالماء حتى يختفي.
كيف سأنجو هذه المرة إذن؟
لا أعرف أبدا،
 إلا أنني أفتح نافذتي كل صباحٍ
وأبكي على كتف النخلة الوحيدة،
أريدُ الحياة الواقفة وراء الباب.

وعن مدى حاجة النساء للشعر تضيف الشاعرة عائشة العبدالله:
تقول أودري لورد:
« بالنسبة للنساء، الشعر ليس ترفًا
إنه ضرورة حيوية لوجودنا، تماما مثل
نوعية النور التي بها نتنبأ
عن آمالنا وأحلامنا نحو الحياة والتغيير،
الشعر هو الطريقة التي تساعدنا كي نسمي المجهول
ليصير فكرًا. آفاقنا البعيدة، آمالنا
مخاوفنا مرصوفة بقصائدنا
منحوتة من صخور تجاربنا في حياتنا اليومية»
هذا ما أؤمن به وأحاوله. أن يكون شعري صوتًا لكل امرأة لم تتمكن يومًا من قول ما تريد، أن يكون أملًا، حبلًا،
عصا تتوكأ عليها أي إمرأة حالمة ووحيدة.
———–
جمانة القصّاب، من مواليد ١٩٩٥م-مملكة البحرين. حاصلة على بكالريوس فنون وتصميم من جامعة البحرين. مهتمة بالكتابة الأدبية والمسرح، ولها عدة مشاركات في مختلف الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية
رنوة العمصي: شاعرة وكاتبة من البحرين، لها ديوان شعر بعنوان «أشياء تصلح لقضية» 2011، ورواية بعنوان «الزيارة» 2014 .
عائشة العبدالله: شاعرة من الكويت مواليد/1988 
عضو في رابطة الأدباء الكويتيين
ولها إصدارين شعريين الأول بعنوان:
(خمسة أوتار في يدي) الصادر عن دار مسعى في عام ٢٠١٤ والثاني بعنوان ( أربي الذئاب في سلة القش) الصادر عن دار تشكيل في عام ٢٠١٧, شاركت في العديد من الأمسيات الشعرية داخل وخارج الكويت كما حصل ديوانها الأول على جائزة الكويت للتميز والابداع في مجال الثقافة والفنون والاداب عام ٢٠١٦
وجائزة الشباب المبدعين للأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي عام ٢٠١٦
مدير عام لدار مرايا للنشر والتوزيع.

http://www.alyamamahonline.com/ItemDetails.aspx?articleId=5040

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *