حين تكون حزينا منذ الولادة..
بما يكفي..
و تنكر الأمهات أطفالهن
مثلما ينكر شخص ما
يدًا مقطوعة
كانت له..
حين لا يكون للأبناء آباء
بل عقبات..
و حين لا ينتحر الأصدقاء
إلا حالما يصيرون أصدقاءك
حين يتبخرون
أو يختفون
أو يموتون في حوادث عشوائية..
إذا ما قررت ان تمضي معهم
حياة كاملة.
حين تختفي فجأة
كل الأيادي
و عبارات الترجي
إذا ما قررت
أن تقفز من نافذة.
هو أنك لا تعرف بعد،
كيف ستأخذ جسدك معك..
وأين ستذهب أصابعك
و نتوءات جسدك
و ربطات عنقك المفضلة،
و إن كانت قدمك
التي لا تحبها،
سترقص حولك فرحًا
حين تموت.
إن كانت مثلك
لا تحبك أيضًا..
و ستخلع نفسها من جسدك
و تمضي،
حين تموت.
هو أنك لا تعرف بعد
ماذا ستفعل بجسدك
حين تموت..
وكيف انك
حتى وإن كنت أحيانا
تكره جسدك
و قدمك اليسرى،
و بحة صوتك
و شعرك القصير
الذي لا ينمو..
و عينيك اللتين تريان دائمًا
أشياء لا يراها أحد..
إلا أنك تعرف أيضا
كيف سيجعلك حزينا،
أن يصير جسدك
جثة يائسة..
برائحة موت رمادية
و قدم واحدة.
منذ الولادة،
و منذ الولادة أيضا
لم ترغب بشيء
غير أن تصير وحيدًا.
أن تفقد عائلتك كلها،
في حادث مثلاً ..
أن تغرق البلاد في حرب،
و يُستدع زملاء الدراسة
للجندية،
و يصيروا أشلاء..
أن تبتلع الارض ابناءها
أن يختفي الناس
و تحلق وحدك..
هكذا،
في عالم خال
من البشر
والأمهات..
حين يكون كل ما تريده
هو أن تموت
لكن
ليس كما يموت الناس.
وأن تحيا
لكن،
ليس كما يحيا الناس..
حينها فقط،
قد يكون الشعر حلاً.
18 يونيو 2016