يا أجيالنا القادمة.
اسمعوا
يا أجيالنا القادمة
أنتم، أيها المحتلون الصغار
الذين سيجلسون على مقاعدنا
كأنها مقاعدهم
يستخدمون أشياءنا
يبنون منازل فوق أراض نملكها
يجدون صورنا القديمة ورسائل حبنا
ثم يركلونها بضجر..
كشيء قديم ومتكرر.
أصغوا لي
على الرغم من أنكم
ستكونون غير شغوفين بنا
واذا ما سمعتم صوتا
لشاعر من زمن مضى
يصرخ: اسمعوني يا أجيالنا القادمة
فإنكم لن تبالوا به..
لن تتهافتوا نحو صوته
القادم من بعيد
تعبا ومتقطعا
كأنه صوت شخص يحتضر..
لحظة من فضلكم!
إن صوتي هذا،
سوف يصل إليكم واضحا جدا
درجة أن تتأفوا
وتصموا آذانكم عنه..
اسمعوني
يا أجيالنا القادمة
يا محتلينا
يا أوغاد. .
على الرغم من أنكم
– وكما قلت مرارا-
غير شغوفين بنا..
لن تقطعوا رحلات شاقة إلى الكهوف مثلا
فقط لتقرؤوا رسائلنا على الجدران
وتلتقطوا صورا ضاحكة بجوارها
وأنتم تشكرون الله، أنكم لم تعيشوا حياة بدائية مثلنا
هذا لأننا يا أوغاد
لم نعش حياة بدائية أبدا
-لقد فاتكم ذلك! السخرية من الأجيال السابقة
لعبتنا المفضلة.-
حتى وإن كنا عشنا حياة ضجرة جدا
كحياة أي امريء في القرن الواحد والعشرون
حيث الناس
كل الناس
ومن شدة الضجر
يدخنون أنفسهم
وينشغلون طوال حياتهم
بشيء واحد وحسب:
ترك رسائل للأجيال القادمة.
لقد تركنا كل شيء خلفنا
لقد رحلنا إلى عوالمنا الأخرى
خفافا
وتركنا كل أشياءنا أمام أعينكم
تحت وسائدكم وعلى طاولاتكم.
ولهذا تبدون غير شغوفين بنا
حيث كل شيء في حياتنا
تركناه مخزنا على أقراص
كل ضحكة كل همسة كل تنهيدة
حرصنا أن نغزوكم به.
لقد غزونا كل شيء
بلدانا وأفكارا وفضاءات ومجرات شمسية
لقد سافرنا إلى كل شيء
بأجنحتنا العملاقة ومحركاتنا النفاثة
وحتى بأعيننا الصغيرة واللا مرئية
نجحنا بالتسلل إلى أنفسنا ..
لقد عشنا في عالم ممتليء بكل شيء
لكن في النهاية
ومن شدة الضجر
كان كل واحد منا
يدخل إلى أي حمام عمومي
ويقتل نفسه،
بجرعة زائدة من الهيروين.
لكن مهلا
يا أجيالنا القادمة
وقبل أن تصرخوا غاضبين
انا اعرف،
بالتأكيد شاهدتم قصة مضجرة كهذه
على أحد الأقراص .
الأقراص الكثيرة
مخلفاتنا
التي لو عثر عليها شخص منكم
لن يسارع أبدا، بحفظها في متحف
حتما سيقول لنفسه: يا رجل!
ارمها لكلب في أي شارع
هناك الكثير منها.
ولهذا أنتم غير شغوفين بنا..
لكن يجب أن تعرفوا
يا أجيالنا القادمة
أنه حتى نحن
أبناء القرن الواحد والعشرون
كانت لنا مآسينا أيضا
دعوكم من الحروب والزلا ل والبراكين
هذه مآس مكررة.
لقد كانت لنا مأساتنا الخاصة
لقد فقدنا أصواتنا..
إننا الجيل الأول
من البشر الفاقدين أصواتهم
حيث كل شيء يمكن أن يبدأ أو ينتهي
بضغطة زر.
كل شيء يمكن أن يحصل
دون أن يغادر المرء فراشه..
الحب،
الحرب
العمل
إنجاب الأطفال..
وحتى الإلقاء بشخص ما في السجن.
لكم أن تتخيلوا
يا أجيالنا القادمة
أننا نحن
أبناء القرن الواحد والعشرون
وبدلا من أن يحكي المرء قصته لحفيده..
يكتفي بإهدائها له
على شريط مصور.
آلاء حسانين
19 مايو 2015