تفريغات سريعة للألم في كوستا شريف.
أستطيع حين أنصت قليلًا
أن أسمع شيئًا يئن
يعلو حين أنصت أكثر
أتتبع الصوتَ
قطة تموء خلف سيارة
تحت حجر
بجانب عامود..
أنصت أكثر
يعلو صوت الأنين
ويا للغرابة والحزن
إنه يصدر من قلبي.
٢
أستطيع الشعور
بثقب في رئتي
ينقبض ويتمدد
مع كل شهيق وزفير
أنصتُ إليه
كما لو كان نغمة هاتف
يرن في ركن المقهى
أمامي رجل وسيم
تحزنني أناقته
وقدرته على الكلام بحماسة..
ألتفت يمينًا
وأتأمل عجوزًا تفترش الرصيف
لبيع الفاكهة
ثمن قهوتي
يطعمها أسبوعًا..
زجاج شفيف
بين حياتنا
يُعمّق ألمي
يتكسر
وتستقر شظاياه
في رئتيّ
ورئتيها
لتصنع ثقوبًا
تنقبض وتتمدد
مع كل شهيق وزفير..
٣-
لم أفقد قدرتي
على الإحساس بالألم
ربما صرت أقل قدرة
على التفاعل معه
أو مهادنته
أرتدي تنورة قصيرة
وأتجول في الشارع
متجاهلة نظرات لزجة
تتراكم فوق ساقيّ.
رجال قبيحون
يلتهمونني بعيونهم
باعة يتوقفون أمامي
ربما يتخيلونني..
عاشقان يمران
ممسكين بأيدي بعضهما
بأمان أفتقده..
قطط كثيرة تركض أمامي
تشبه كوابيسي
قط واحد
قط وحيد
ينزوي خلف حجر
أشعر به باردًا
ومحتضرًا
وربما فيما مضى
كنت حملته
وهدهدته
وأحييته،
لكن الآن
أسير أمامه
أقف أبعد منه بخطوات
ظلي يستلقي بالقرب منه
ظل مُهدر
ربما لو مر على رجفة جسده
لصار غطاء
أو كفنًا..
عمدًا أهدره
ماء ينسكب
أمام جرو عطش
ذاك
هو ألمي.
٤-
أمامي في المقهى
رجل يلمس قلبي
برفق نادر
عيناي على اللوحة
المعلقة خلفه
وبصري يفحص أصابعه
أبسم:
رجل بلا خواتم.
نظرة سريعة أرميها نحوه
لا أحلم بأكثر
من أن تحفظ ملامحه
لأتخيله ليلًا،
عندما يحين
وقت البكاء
من الوحدة.
٥-
يغلق حاسوبه
ويترك ثمن القهوة والماء
على الطاولة
يغادر
وبجواري مباشرة
يمر
حاملًا حقيبة جلد بني
بين جسدينا
يفصل نفسٌ واحد..
قلبي يأملُ
أن يصير حبيبي
جسدي الذي يبدو
متجاهلًا له
يتوق إليه..
عيناي اللتين
تتصنعان الغرق في البلاط
تقاومان النظر إليه.
يمضي
مجاوزًا أحلامي:
منذ الأزل
أنت حبيبي.
يتلاشى
رباه،
ألمٌ يتكون في قلبي
لا أعرف حتى اسم أبيه.
الثلاثاء ٢٥ مايو ٢٠٢١
المكان: كوستا شريف