من ترك الأشجار للريح؟
أحيانًا في الليالي العاصفة، تمد شجرة عنقها من النافذة
لكن شخصًا مثلي، تؤذيه الريح أيضًا
يعرف أنه لن ينهض، ويحمل الشجرة إلى سريرها.
من ترك الأشجار للريح؟
الأشجار التي تيبس كل حين، كتعبير عن أحزانها..
الذئاب التي تتبع عواءها
تصل أحيانًا إلى المصيدة
والطيور التي بلا أعشاش،
تموت في النهاية على حافة الطريق
وشخص مثلي، سيبتعد ذات يوم أيضًا، عن منزله.
ذات شتاء هبت عاصفة واصطحبت أوراق الشجرة بعيدًا
وشخص مثلي، كان يقف في النافذة، ويعرف أنه لن يفعل شيئًا..
في اليوم التالي ضرب غصنٌ النافذة
فيما شخصٌ في الأسفل كان ينثر رماد والده فوق العتبة..
وفكرتُ: أريد جرة رماد أنثرها، أنا أيضًا، مثل غيري.
لكن يولد الناس دون آباء أحيانًا
والدي مثلًا، كان قطارًا، ومر بشكل خاطف أمام حياتي.
كل هذا لا يعني لي شيئًا، لحسن الحظ..
لكن أحيانًا، حين يملأ البرد العالم
وألمح غزالًا شاردًا يحدق في ظهري
يغمرني إحساس حزين
وأفكر: لو أني أيضًا أملك منزلًا، وأعود إليه..
حيث تلمع النيران في الموقد
وعلى مقعد، تجلس أم وتسرح -مثل كل الأمهات- كثيرًا..
أحيانًا أفكر بالشجر وبالغزلان الشاردة،
وأحيانًا، حين يذوب الصقيع في قلبي
أتمنى لو أرقد بجانب شخص ما
وأحكي له، عن الصقيع الذي يذوب في قلبي..
لكن لحسن الحظ، لحظات كهذه لا تستمر طويلًا..
حظيت أنا أيضًا، ببعض الأصدقاء
أحدهم كان يحب أن يثرثر عن القطارات، وعن هذه الرغبة في الموت أمامها..
ذات ليلة قرر أنه من السهل، وبقفزة واحدة، أن يُنهي كل هذا.
أشياء كهذه تحدث طوال الوقت
وشخص مثلي، كان يعرف دومًا أنه لن يقدر أن يفعل شيئًا.
أحيانًا أصير بحرًا
وأطلب من كل الأصدقاء أن يقفزوا
وحين يترسبون في أعماقي
أمضي للحانة، وأشرب نخبًا مع أحزاني..
صاحب الحانة لم يلق بي أبدًا إلى الخارج
وأحيانًا، حين أسكر كثيرًا، أصبح كئيبًا بشكل لا يطاق
وأبكي، حين أسكر جدًا.. وأنادي صاحب الحانة: يا أمي..
أعدي لي عشائي، يا أمي
و سأتأخر في العودة هذه الليلة أيضًا، يا أمي..
أحيانًا لا يكون الأمر كافيًا
فأطلب منه أن يجلب لي أمًا أخرى
امرأة ما، أشم رائحتها في الهواء
امرأة ما، تغسل ثيابي..
يحتاج المرء للأمهات أحيانًا
هذا شيء لا يمكن تجاوزه.
يقول الأصدقاء أني أبدو مجنونًا
كان هذا منذ زمن طويل
حين كنت أقف على كل قبر مهجور
وأسمع الغابة تصرخ وتصمت من خلاله،
وحين كنت أقول بأني لو كنتُ شيئًا آخر
كنتُ سأكون رجلًا تثلج الدنيا على جثته،
وحين كنت أغلق النافذة بدلًا من أن أقفز منها
وحين كنتُ أستمع لبكاء الميت في داخلي، وأبكي أحيانًا..
لكن لحسن الحظ أن الإنسان يتقدم في العمر سريعًا
ويتعلم أن يقتل موتاه،
ويتجاوز ببساطة الشعور بعدم الحب
والرغبة في أن تكون له أم، مثل غيره..
وإمرأة أخرى تضحك في سريره، مثل غيره أيضًا..
ويتوقف عن طرح الأسئلة
من أين أتينا، وإلى أين سنذهب، وماذا نفعل بهذه الحياة في جيوبنا..
أشياء كهذه لا تهم أحيانًا
ما يهم هو أني توقفت عن التفكير في انتحاري..
وقررت في إحدى الليالي
أني أريد، مثل كل الآخرين، شخصًا أصلي نحوه
وشيئًا آخر: ابنًا ينتحب في جنازتي.
4/4/ 2017.
لم أتعود قراءة هذا النمط من الشعر لكن للحقيقة وجدت إبداعا جميلا يجعلني اعود لقراءة القصيدة مرة بعد اخرى. اعجب كيف تتحول كلماتك الى صور تتحرك في خيالي بكل المشاعر التي تحملها. ������