الإنسان الأكثر شبهًا بكرسيّ مدولب.
من مجموعة: يخرجُ مُرتجفًا من أعماقه.
1- لم تكن له أقدام
حين ولد،
بل شرائط ملونة.
و لم يكن يعرف
أن للإنسان
قدمين
يسير بهما..
لذا،
كان يظن نفسه
هدية..
و كل عيد
كان يربط شرائطه
وينتظر أن يفتحه أحد.
2- لم يكن يعرف أيضًا
أن شخصا ما أوجده
و كان يصدق حكاية قديمة
عن لقلق،
يحضر الأطفال
من صدفات البحر..
و كان يظن أن النوم
يعني العودة
إلى الوطن القديم..
و كان وطنه بحرًا
و أمه صدفة..
و حين كان الشخص
الذي أوجده
يهدهده لينام
كان يذهب إلى البحر
ويقفز..
ولم يكن أحد،
يفهم رغبته..
3- كان صديقًا
للعتبات القديمة..
و كان لا يفهم
لماذا لا يصادق أحد ما
عتبة
أو يدعوها للخروج معه..
وكان يجلس دائمًا بجوار الباب
وفهموا جلوسه
على أنه رغبة
في المغادرة.
وحين سُئل عن أمنيته
قال أنه يريد أن يصير
مصباحًا،
وقال أنه تزوج عتبة
ويريد أن يسطع عليها..
ولم يكن أحد
يفهم حديثه
فقالوا جُنّ
لأنه لم تكن له أقدام
وكان يظن وطنه بحرًا
وأمه صَدفة
وقالوا شيئا
عن كونه ليس إنسانًا..
وحين سألهم ما يكون؟
قالوا:
رغبة قديمة
في المغادرة.
4- مرةً سمع صوتًا
فقال بأن للأصوات
ألوانًا وروائحًا..
و قال بأن الناس
أشكال هندسية..
و لم يكن أحد يفهم حديثه..
لكنه تابع:
بأن للبحر
صوتا رماديا..
و أنه يبكي
لأنه أضاع حبيبة قديمة..
و قال بأن البحر حزين،
لأنه كلما أحب صبية
وذهب إليها
غرقت فيه..
و قال بأن البحر،
لم يرد
أن يصير بحرًا
بل عتبة قديمة..
وأنه تمنى
لو أن له حبيبة
تشبه ضوءًا
يسطع عليه.
5- كان البكاء عنده
يشبه القفز..
ولأنه لم تكن له أقدام
بل عجلات..
ولم يكن إنسانًا
بل كرسيًا مدولبا.
كان كلما رغب في البكاء
وقف على حافة
وطلب من أحد
أن يدفعه..
ولأن أحدًا
لم يكن يفهم حديثه..
كانوا يتركونه واقفًا
هكذا،
على الحواف
والشرفات المفتوحة..
لذلك،
لم يكن يبكي..
كان رغبة قديمة
في البكاء.
وفهم لأول مرة حديثهم
وعرف معنى
ألا يكون لديه أصدقاء
وألا يكون إنسانًا
بل كرسيًا مدولبًا.
تاريخ كتابة النص:
25 يونيو 2016.