
مر شبابي دون انتباه،
حلّق دون هوادة
الآن،
أنا أقترب من الثلاثين
قريبة كنتُ من الشِّعر
بعيدة عن الناس.
أول سنوات عمري،
هبطت في عالمٍ
أقول بأنه كان قاسيًا
ولم أرد سوى الاستمرار في التحليق.
فيما بعد
كان عليّ أن أتعامل مع الكآبة
والغوص عميقًا داخل النفس
حيث الأشباح المخيفة
الخائفة
بالانتظار هناك.
خفت كثيرًا من أشباحي،
في البدء.
وجدت عالمًا غير صالح للحياة
وأردت دومًا أن أعود
إلى العدم ربما
إلى فكرة التقوقع
إلى الزحف عائدة إلى الرحم.
لكن ذلك الرحم
لم يكن مرحبًا بوجودي
لم يكن دافئًا
كان منتشيًا لأنني أخيرًا
خرجت منه،
ودائمًا ما أغلق الأبواب في وجهي.
أنا أيضًا،
حصلت على الانتشاء ذاته
مع إرث ضخم
من الحزن العميق.
وفي مرحلة ما،
ظننت بأن دمي أسود
يزحف بكآبة في عروقي.
ثم كان عليّ أن أتعامل مع الحياة
مع الحب،
ومع الندم.
مع ذاك الشعور الدائم
بالرفض من المصدر.
لكنّي وجدت الحل
في الاحتمالات
في إعادة التأويل
في فكرة ماذا لو.
ماذا لو أن الرحم ذاك
كان دافئًا
وحنونًا
لكنه كان متعبًا وحسب.
ماذا لو أن الأم حزينة،
والجدة هي أيضًا كذلك
وكلاهما لا يجدان طريقًا
للخروج.
ماذا لو أن الأسلاف متعبون
وأن الدم الذي أورثتني إياه الجدات
عوّل عليّ
لإيجاد المخرج
وتحية الصباح.
لسنوات طويلة،
ركضت داخل عجلة الهامستر
مدفوعة بصرخات الأسلاف
والتعب المتوارث
والحزن العميق.
لكنّي بحثت،
يومًا وراء يوم
عن ذلك الضياء.
دلتني روحي
دلني صوت لم يلوث بعد
وأنا أنصتُّ
واحتويتُ
وطمأنتُ
وآمنتُ.
أنا مسحت المرايا الملوثة
ولم أصدق انعكاسي
في الماء العكر.
انفصلت بضراوة
وحلقت بعيدًا
عن المياه العكرة
والفضاءات الملوثة
والقرية الحزينة..
حتى وجدت فضاء رحبًا
وماءًا نقيًا
ومدنًا ترقص وتحب وتقبل.
ولم أعد حتى الآن
إلى أي عش،
لكنّي غطيت الأمهات القديمات
في رقادهن،
حررتني من اللعنة
وحررتهن من الغضب.
أرسلت إليهن سلامًا
وحبًا
أرسلت قلبًا حُرًا
غفر
وتعافى
وأحب
من لم يعرف كيف يغفر
أو يتعافى
أو يحب.
في البدء،
في البدء القديم،
قبل أن تبدأ الأبدية..
لعقت جراحي
وطمأنت فزعي
وصرت أمًا لنفسي القديمة
ثم خرجت
وعثرت على عائلتي في العالم
قبلت الحب والإيمان
داخل نفسي
داخل الآخرين
وتجولت في المساحات الخضراء
في المياه التي تنبع
من الشقوق.
غير منكسرةٍ
وربما متشققةً قليلًا
أزهرتُ
والتأمتُ
وشعرت بملمس الشمس.
والشِّعر
الذي رافقني منذ ذاك البدء
وربما من قبل أن أجيء،
أو تجيء الأبدية.
هاهو يخفت الآن
شيئًا
فشيئًا.
لقد كان ضمادًا
إلاهًا
أمًا
وكان قدمًا للعبور.
الآن.
أقترب من الثلاثين،
أنقذتني الاحتمالات،
وربما أنا مثل بينجامين بتن
أعيش العمر معاكسًا.
وأفكر في احتمال،
أن أجيء مرة أخرى
سعيدةً منذ البدء
مضيئةً ورقيقةً وشفافةً
ممنوحةً حبًا
مغمورةً به.
لكن في لحظة كهذه،
لا بأس أيضًا في احتمال
أنّي حفرت طويلًا
وعميقًا
وبعيدًا
حتى عثرت على النور.
٢٠ سبتمبر ٢٠٢٥
في الطريق إلى باريس من نانت.
من مجموعة: أفكر في الاحتمالات.
قيد الكتابة –