يقول بأنه ذاهب ليلعق جراحه..
لم نكف يومًا عن حزم الحقائب
والشتاءات الكثيرة التي قضيناها دون موقد
والغرباء الذين يلهثون عطاشى فوق آبار أجسادنا
ويتركون ثمن الخبز على الطاولة..
ولهذا قضينا كل هذه المساءات سويًا.
وبالدم الذي يتخثر في عروقنا من اليأس
كنا نجلس فوق الأرض العارية
ونبدأ بالكتابة..
وعرفنا كيف تخرج كل هذه الوحدة من العظام
وكيف نهرع في الليل إلى الأسرة باكين،
وكيف ننام، ونحن نضع أيدينا على قلوبنا..
لنكتم أنينها.
كمن يدخل إلى غرفة مليئة بالغبار..
ومثل جنود مهزومين
طرقنا أبواب طفولتنا.. من حين لآخر
وارتمينا فوق أحضان أمهاتنا.
حين يكون الحديث عن الحرب أمرًا غير مستحبًا
-كأنها شيء تجاوزه العالم،
على الرغم من أن هديرها يُسمع من النافذة-
نقول بأننا شعراء،
ونبدأ بالحديث عن الفقد
وعن أمهاتنا اللواتي هجرننا في الطفولة
وحين لا يكفي هذا لتبرير أحزاننا
نخترع أمهات زرقاوات يظهرن في الليل
وأشخاص كثر نسكن أجسادهم
ونبدأ بالشكوى من الأصوات في عقولنا
وبالحديث عن الكآبة، يصبح كل شيء كافيًا.
وفِي القطارات التي تغادر – مثلنا- دومًا
يجلس الصمت بيننا..
وحين ينعكس النهار على النافذة
نُشير للطقس..
ولم يسأل أحد الآخر عن وجهته
ولا عن حاجته للرفقة..
كنا نتبع بعضنا دون امتنان
ونتشارك السجائر
ونقول بأننا شعراء، في حال الحديث عن أحزاننا..
وراقبت معصمه وهو ينزف في الرواق البارد
وحين رفعت جسدي بصعوبة لأشير إليه
سألته عن شكل جنازته
فهمس بأنه يريد أن ينزف حتى يموت
حتى تذهب كل اللحظات التعيسة بعيدًا
عندها، أستطيع حرقه مثل كومة من القش.
تحدث مرات عن المطر
وعن الخلد الذي يحفر في قلبه
وقال بأنه اصطاد طائرًا
عندما كان طفلًا
وأصيب بالذعر حين لم يحلق مجددًا..
وفي الليل
يغادر أولًا
يقول بأنه ذاهب ليلعق جراحه..
تحدث مرات عن شكل جنازته
وقال بأنه اصطاد نفسه
حين كان طفلًا
ولم يحظ حينها سوى بعزاء بسيط.
٢٨ يونيو ٢٠١٧.
فهمس بأنه يريد أن ينزف حتى يموت
حتى تذهب كل اللحظات التعيسة بعيدًا
عندها، أستطيع حرقه مثل كومة من القش.
اختصار لكثير من الواقع بمرارة مراحله بين فينه واخرى نحترق وتحترق الارواح لاجل لحظات نتمني ان توئد من تاريخنا
تشرفت بقرأت اسطرك سطرا تلو الاخر بل حرفا حرفا متفردا .
طبت باسعد الامنيات كما طاب لنا المرور هنا.
كبرياء الصامتون مر من هنا
…